Admin Admin
المساهمات : 163 تاريخ التسجيل : 11/11/2011
| موضوع: فضل الاستغفار وأثره على الصحة النفسية الإثنين يوليو 23, 2018 8:03 pm | |
| الإنسان هو اللبنة الأساسية في المجتمع، ولقد كرمه الله عز وجل وسخر الكون لخدمته، لكنه في المقابل حمله مسؤولية عمارة الأرض واستخلافه فيها، ولأداء هذه المهمة على أكمل وجه لابد أن يتمتع بصحة نفسية متوازنة مفتاحها ارتباطه الكلي بالله عز وجل والمواظبة على ذكره لتنعم نفسه بالاطمئنان والسكينة والاستقرار. فالمؤمن في حاجة وسط هذه الفتن المتموجة إلى ورد من الأذكار حتى يطمأن قلبه وتسكن روحه، لعظم أثره على النفس المؤمنة. وسنركز في موضوعنا هذا على الاستغفار وأثره على الصحة النفسية من خلال وضع بعض الأضواء حول مفهومه، فوائده، صيغه المسنونة وأوقاته المستحبة.
مفهوم الاستغفار الاستغفار مصدره من استغفر يستغفر، ومادته “غفر” التي تدل على الستر، فالمغفرة، الستر، والغفر والغفران بمعنى واحد يقال غفر الله ذنبه غفراً ومغفرةً وغفراناً .
الاستغفار لغة: في اللّغة من غَفَرَ ، بمعنى غطى وستر، وغَفَر الله تعالى الذّنوب أي سَتَرها
الاستغفار اصطلاحا: فعرّفه الجرجانيّ بأنَّه: طلب العبد المغفرة من الله تعالى بعد رؤية قبح المعصية، والإعراض عنها.
فوائد الاستغفار وأثره على الصحة النفسية للمسلم لا يخفى على أحد فوائد الاستغفار العظيمة: ·
فهومجلبة للرزق والصحة والقوة والذرية: قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) . سورة نوح : الآيات : 10- 14 ·
الاستغفار ينزل رحمة الله عز وجل على عباده: كما قال جل وعلا: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون سورة النمل : الآية : 46 ·
الاستغفار ينفس الكروب ويفرج الهموم: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) رواه أبوداود (1518) ، وأحمد في “المسند” (1/248) وغيرهم. ·
الاستغفار يشرح الصدور ويطهرها: مما لا شك فيه أن الذنوب تترك أثرا على نفس المؤمن وتصدئ قلبه، مصداقا لقوله تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون سورة المطففين الآية 14 . ·
الاستغفار يوجب معية الله عز وجل : عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: يقولالله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه أخرجه ابن ماجه.
لذلك ما عسانا إلا أن نقول بأن الاستغفار من أعظم الأذكار. ولعظم فضل الاستغفار ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه ولا يتركه على أي حال ، قال عليه الصلاة والسلام : إنه ليُغان على قلبي، وإني لأستغفر الله رواه مسلم : انه ليُغان قال أهل اللغة : ( الغين ) بالغين المعجمة ، والغيم بمعنى ، والمراد هنا ما يتغشى القلب ، قال القاضي : قيل : المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه ، فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا
الاستغفار فيه اقتداء وتأسي وامثتال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ قال عليه أفضل الصلاة والسلام: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (رواه البخاري). تغفر منه ، قال : وقيل هوهمه بسبب أمته ، وما اطلع عليه من أحوالها بعده ، فيستغفر لهم. ·
الاستغفار يورث السعادة الدنيوية والمتاع الحسن: قال تعالى : اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً سورة هود 3 ·
الاستغفار يعصم من عذاب الله وعقابه العاجل: قال عز وجل : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ·
وأخيرا وليس آخرا، فإن الاستغفار سبب لاستجابة الدعوة ونورد مثالا لذلك قصة سيدنا الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز لما فيها من عبر : كان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد، ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد ، حاول معه الإمام ولكن دون جدوى ، فقال له الإمام : سأنام موضع قدمي ، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه ، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد ، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقور تبدو عليه ملامح الكبر ، فرآه خباز فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيت ، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز ، فأكرمه ونعّمه ، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز ، الإمام أحمد بن حنبل سمع الخباز يستغفر ويستغفر ،ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد بن حنبل ، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل ، فأجابه الخباز : أنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن فهو يستغفر ،فسأله الإمام أحمد : وهل وجدت لاستغفارك ثمره ، والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار ، يعلم فضل الاستغفار ، يعلم فوائد الاستغفار فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت دعوة إلا أُجيبت، إلا دعوة واحدة فقال الإمام أحمد : وما هي؟ فقال الخباز : رؤية الإمام أحمد بن حنبل فقال الإمام أحمد : أنا أحمد بن حنبل ، والله إني جُررت إليك جراً.
الأوقات المستحبة الاستغفار مستحب في كل وقت ، لكن هناك أوقات فاضلة :
* وقت السحر عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر ·
* عقب الصلوات كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ثلاثا بعد تسليمه من الصلاة ·
* بعد نهاية المجلس وذلك لتكفير ما صدر فيه من اللغو، وهوما يسمى كفارة المجلس ، صيغته : سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد إن لا اله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك .
صيغ الاستغفار المشروعة سيد الاستغفار وهو أفضلها، وهو أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (رواه البخاري)
كما أن هناك صيغ أخرى :
* فمما ورد عنه صلى الله عليه وسلم صيغة أستغفر الله فقد صح عنه: أنه كان إذا انصرف من صلاته قال أستغفر الله ثلاثا.ً رواه مسلم.
* وكذلك أستغفر الله الذي لا إله إلا هوالحي القيوم وأتوب إليه، ففي سنن أبي داود عن بلال بن يسار قال حدثني أبي عن جدي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فارا من الزحف.
* هناك ألفاظ للاستغفار جاءت في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي للمسلم أن يقولها ، ويستكثر منها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه الصيغ : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم (رواه البخاري) .
* ما جاء في الصحيحين عن أبي بكْرٍ الصِّدِّيق – رَضيَ الله عَنه – أنَّه قالَ لرَسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: علِّمني دعاءً أدعو به في صَلاَتي؟ قال: ((قل: اللهمَّ إني ظَلَمتُ نَفْسي ظلمًا كَثيرًا، وَلاَ يَغفر الذنوبَ إلا أنتَ، فَاغفرْ لي مَغفرَةً مِن عندكَ، وارحَمني، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرحيم)).
همسة وأخيرا أهمس في أذنك أخي المؤمن-أختي المؤمنة أن الاستغفار بمفرده لا يمكن أن يحقق الاستقرار النفسي المنشود، ولكن لابد أن تصحبه أذكار أخرى حث عليها الشرع الحنيف .كالإكثار من قول لا إله إلا الله ،فنجد هذه الكلمة الطيبة قد ارتبط ذكرها في القران الكريم بكلمة الاستغفار : قال تعالى فاعلم أنه لا اله الله واستغفر لذنبك وللمؤمنون وللمؤمنات سورة محمد الاية 19. كما أننا في حاجة إلى ورد على الصلاة على رسول الله عليه وسلم لقوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون عن النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما سورة الأحزاب الآية .56 ولا يمكن المواظبة على هذه الأذكار إلا وسط بيئة إيمانية تتأتى بصحبة نورانية حانية رحيمة، لتكون سندا لنا لطلب الزلفى عند الله عز وجل، والتشوف لمقامات الإحسان والتضرع إليه سبحانه وتعالى لغير ما بحالنا وحال امة رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
| |
|